صيحة عصفور

بينما كان يقوم بزراعة أشجار زينة أمام بيته، بعد تجهيز التربة للزراعة، وحينما هم بوضع الأشجار فى المكان المعد لها، وإذ بعصفور يحلق من بعيد جاء مسرعاً يرفرف بجناحيه الصغيرين ثم وقف على إحدى أغصان الشجرة وصار يصيح صياحاً منكرا معترضاً على ما يقوم به المواطن، فلفت هذا الصياح انتباه المواطن، وراح المواطن فى حالة استغراب من موقف العصفور وقال له وهو عاقداً حاجبيه ضاغطاً على حروف كلامه محاولا من ذلك إظهار مدى غضبه واعتراضه على هذا الصياح المنكر الصادر من العصفور..

المواطن: (عاقداً حاجبيه).. ما سبب صياحك أيها العصفور؟

العصفور: أرى أنك تقوم بزراعة أشجار أمام بيتك.

المواطن: (باستخفاف).. يا لذكائك!

العصفور: (لم يعر اهتماماً لاستخفاف المواطن منه).. ما قلته لا يحتاج إلى ذكاء، إنما ما يحتاج إلى ذكاء وإعمال العقل هو ما سأطرحه عليك من فكرة نادى بها بعض أبناء الوطن المخلصين من عشرات السنين ولم تنفذ إلا الآن بتوجيه من رجل مصر الأول “الرئيس عبد الفتاح السيسى”.

المواطن: (باستخفاف مرة أخرى).. هات ما عندك يا أفلاطون.

العصفور: لا أفلاطون ولا حاجة، ما أنا إلا كما ترى، عصفور صغير خرج من عشه فى البكور يبحث عن رزقه ورزق صغاره فى ظل تلك الأزمة الاقتصادية الصعبة.

المواطن: حتى أنتم أيها العصفور تعانون مثلما نعانى!

العصفور: نعم أيها المواطن!.. ألسنا جزء من هذا العالم.

المواطن: (بغضب).. منها لله حكومتنا التى لم تجعل البشر يعانون فحسب، بل امتدت المعاناه إلى عالمكم، واستطرد المواطن قائلا رحم الله خامس الخلفاء الراشدين.

العصفور: أرى أنكم ترفضون الاعتراف بأشكال الخلل فيكم أيها البشر، تصرون على أن حكومتكم وقيادتكم السياسية تخطط لنسفكم.. تصنعون مؤامرات حكومية في خيالكم المريض لكي تواسون بعضكم بعضًا وأنتم تتأملون الخراب الذي تصنعونه، واستطرد العصفور قائلا أيها المواطن الأزمة عالمية وضاغطة على كل الطبقات ومصر جزء من العالم، لكن الحكومة اللى حضرتك غاضب منها وعليها قامت بما لم تقوم به بريطانيا إحدى الدول الخمس الكبار والتى يعانى فيها المواطن مر الشكوى ولم تجد حكومته ما تخفف به عن كاهلهم، لكن اتخذت حكومتكم حزمة من الإجراءات والتى أنت أعلم بها منى للتخفيف عن كاهل الطبقات الفقيرة.

المواطن: (لم يجد ما يرد به على منطق العصفور البليغ.. وفى محاولة للهروب من المناقشة.. قال المواطن للعصفور).. ما سبب صياحك المنكر؟

العصفور: ومالى لا أصيح وأنت تزرع شجر..

المواطن: (مقاطعا العصفور وقد وجدها فرصة للنيل من بلاغته ومنطقه).. أهذا سر اعتراضك؟!.. ألم تسمع لحديث النبى صل الله عليه وسلم حيث قال من زرع غرساً يستظل به ابن السبيل.. (ثم سكت).

العصفور: (بابتسامة)، . ولما لم تكمل الحديث؟.. ألم يقول الحبيب المصطفى أو أكل منه طير أو حيوان؟!.. تخيل أيها المواطن لو استبدلت تلك الشجيرات بأشجار مثمرة، تخيل حجم الخير الذى سيعم على المجتمع بجميع كائناته الحية!

المواطن: (ساخرا).. والخير الذى سيعم على المجتمع كله متوقف على استبدالى لتلك الشجيرات؟!

العصفور: (بهدوء).. ألا تعلم بأنه كما أن المرض معدى فالصحة معدية أيضاً، بمعنى أنك لو زرعت أشجاراً مثمرة فسوف يقلدك جارك ومن ثم تنتشر الفكرة فى المجتمع كله.

المواطن: (مازال يتحدث بنبرة استخفاف).. ولماذا لا تتوجه للدولة الجميلة بهذا الكلام؟

العصفور: أنا معك، لكن لا تنسى بأن التنمية مشاركة بين حكومة وشعب، فعملية التنمية يجب على الجميع حكومة وشعبًا المشاركة فيها، وعلى فكرة الدولة الجميلة اعلنت من شهرين عن مبادرة لزراعة 100 مليون شجرة مثمرة على مدى ٣ سنوات، على كل محافظات مصر وحددت اعداد نصيب كل محافظة، بل ورسمت خرائط زراعتها على الطرق العامة، ووزعت بالفعل نصيب كل محافظة وهنا ياتي دور كل مركز ومدينة وقرية ليسأل عن نصيبه من هذه المبادرة المثمرة.

وراح العصفور يعدد فوائد زراعة الشوارع بالأشجار المثمرة، حيث قال زراعة الشوارع بالأشجار المثمرة يوفر الغذاء حيث تعد الأشجار المثمرة منتجة للغذاء بصورة طويلة المدى، إذ تتمتع هذه الأشجار بأعمار افتراضية طويلة وعناية قليلة، فبعض الأنواع قد تعيش حتى 100 عام تنتج خلالها معظمها الثمار التي يمكن استهلاكه، كما أن الأشجار المثمرة توفر المال حيث يساهم وجودها في تخفيف النفقات، فالشجرة تغنى عن التوجه إلى المتجر وهدر المال للحصول على الغذاء، كما يمكن أيضًا استغلال الشجرة لبيع الثمار التي تنتجها محليًا، إذ يزيد الإنتاج عادة عن حاجة الشخص، والأشجار المثمرة أيضًا تساعد فى الحصول على منظر خلاب حينما تزهر، ووجود الأشجار المثمرة فى شوارعنا يعمل على تقليل تكاليف النقل، حيث أن شحن الثمار المتوفرة في المتاجر يتطلب قطع مئات أو آلاف الكيلومترات، إضافةً إلى ذلك فإن قطع مثل هذه المسافات يؤدي إلى فقدان الثمار لنضارتها وفائدتها الغذائية، كما تعمل أيضًا على تقليل الانبعاثات الضارة والتى أثرت سلبًا على المناخ الذى نعانى منه خلال السنوات القليلة الماضية.

المواطن: (بتواضع).. أحييك أيها العصفور على فصاحتك وبلاغتك ومنطقك الجميل، (ثم قام المواطن باستبدال أشجار الزينة بأشجار مثمرة، ومن ثم انتشرت الفكرة فى أرجاء المجتمع وعم الخير على الجميع طيرا وحيوان وانسان)

أضف تعليق