هل يلتقي أردوغان بالأسد قريبا؟

من حين لآخر يتحدث المراقبون والمحللون عن إمكانية وقوع لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد، وذلك على إثر بعض التصريحات التي تصدر من حين لآخر من المسئولين الأتراك، ومن وكالات الأنباء التركية التي تؤكد في بعض الأوقات الخبر ثم تنفيه لاحقا، إلا انه وبعد سنوات من الجمود السياسي الذي وصل بدوره إلى حد العداء بين سوريا وتركيا تعيش العلاقات بين البلدين خلال الأيام الأخيرة نوعا من إحياء وإنعاش تلك العلاقة وقد ظهر ذلك جليا من خلال سلسلة من اللقاءات تمت بين مسئولين كبار من الدولتين مع تكهنات بإمكانية وقوع لقاء بين الرئيس أردوغان والسوري بشار الأسد، ولهذا ولهذا فقد لاحظ المراقبون وجود بوادر تدل على رغبة تركية في التقارب مع دمشق منذ فترة بعد عداء طويل امتد لأكثر من 11 عامًا بدءًا مع انطلاق الاحتجاجات المعارضة للنظام في سوريا، تلك المعارضة التي دعمتها تركيا ووفرت لها بيئة سياسية وعسكرية بالداخل التركي والسوري.

ومع كل تلك الخلافات والعداوات وتبادل الاتهامات بين البلدين عاد الرئيس أردوغان للحديث مجددا عن إمكانية التقائه بالرئيس السوري بشار الأسد، في خطوة ستكون مهمة بعد سنوات من الحرب الأهلية التي واجهتها سوريا ومتهمة تركيا بالضلوع فيها، ومن الدليل على ذلك أن تركيا لا تخفي من جهتها الدعم العسكري والمادي لفصائل المعارضة المسلحة المناوئة لدمشق فضلا عن احتلالها جزءا من شمال البلاد بسبب مخاوفها الأمنية، وبالرغم من ذلك فإنه قد يحدث هذا اللقاء لكن الترتيبات له ما تزال جارية، وكان الرئيس التركي قد أشار خلال اجتماع المحافظات الموسعة لحزب العدالة والتنمية بأنقرة مؤخرا إلى إمكانية عقد لقاء على المستوى الرئاسي بين كل من تركيا وسوريا وروسيا بعد اجتماع وزراء الخارجية المرتقب مسئولي الدول الثلاث الذين سيجتمعون خلال الفترة المقبلة لبحث السلام في المنطقة، وأوضح أردوغان أن الرئيس الروسي بوتين تلقى ذلك الاقتراح بإيجابية، ومنوها بأهمية وقوع عدة لقاءات بين أجهزة الاستخبارات ووزراء الدفاع ثم وزراء الخارجية لكلا البلدين قبل الإعلان رسميا عن لقاء قادة البلدان الثلاثة، ومؤكدا بأن الخطوات التي تتخذها تركيا حيال تطبيع العلاقات مع سوريا تأتي في إطار مصالحها الوطنية، وبالمقابل فقد أفادت تقارير سورية وروسية مؤخرا بأن الرئيس الأسد يرغب في تأجيل اللقاء مع أردوغان إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التركية المقرر إجراؤها خلال يونيو المقبل2023، يحدث ذلك في الوقت الذي تتهم فيه سوريا تركيا بدعم تنظيم داعش الإرهابي وبتسليحها ودعمها المتواصل للمليشيات المعارضة لمواجهة الجيش السوري، وببسط سيطرة تركيا على مناطق من الدولة السورية وذلك قبل أن تنحسر سيطرة هذه المليشيات على مناطق من شمال سوريا، وبخصوص هذا الصدد شككت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد في التصريحات التركية بشأن إمكانية تحسين العلاقات بين البلدين، وبأن سوريا لا تثق بكل ما يصدر عن تركيا في وسائل الإعلام، ومن جهة أخرى فإن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف قد أعلن مؤخرًا عن وجود فرصة محتملة لعقد لقاء بين الأسد وأردوغان ومؤكدا بأن روسيا تدعم هذا اللقاء بقوة وتؤكد أهميته لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، ومن الجانب التركي كان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين قد صرح مؤخرا بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يخطط للقاء الرئيس السوري بشار الأسد إلا بشروط معينة تم الاتفاق عليها، ومن تلك الشروط أن يتصرف الأسد بمسؤولية، وبأن يبدد مخاوف تركيا الأمنية، وبسماح بشار الأسد للمسار السياسي السوري بالتقدم مع تقديمه ضمانات لحماية أمن الحدود التركية السورية، كما اشترطت تركيا أيضا لإتمام هذا اللقاء انسحاب ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية من منطقة الحدود الواقعة بين البلدين مع قبولها بعودة مؤسسات الدولة السورية بديلا عن قوات سوريا الديمقراطية بما فيها القوات الأمنية وحرس الحدود، هذا بجانب مواصلة دعم تركيا للمعارضة السورية وهو ما يرفضه الرئيس بشار الأسد، وذلك بعد أن زادت حدة التصعيد السوري التركي خلال الآونة الأخيرة بسبب الهجوم الإرهابي الذي وقع علي اسطنبول التي اتهمت خلاله تركيا حزب العمال الكردستاني بالمسئولية عنه، يحدث ذلك في الوقت الذي تبذل خلاله روسيا جهودا مضنية من أجل تجنب وقوع عملية برية قد يشنها الجيش التركي ضد الوحدات الكردية في الشمال السوري، وكانت تركيا قد أعطت مهلة زمنية لتلبية شروطها تجنبا لوقوع العملية العسكرية ضد الأكراد في شمال سوريا، ومن هنا تكمن أهمية وإمكانية وقوع هذا اللقاء بين الرئيس أردوغان والرئيس بشار الأسد وهو الأمر الذي أعلن عنه مرارا العديد من المسئولين الأتراك المقربين من الرئيس التركي وهو ما أكدته أيضا العديد من وكالات الأنباء التركية والدولية التي أشارت إلي إمكانية وقوع هذا اللقاء بين الرجلين سيبدأ بإرسال وفد سياسي ودبلوماسي تركي قريبا إلي سوريا لإجراء محادثات رسمية مع الرئيس الأسد وبحث سبل إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والكفاح المشترك ضد الإرهاب في شمال سوريا، وعودة اللاجئين السوريين، وبالتحضير للقاء المرتقب بين قائديْ البلدين.

وحول إمكانية وقوع هذا اللقاء بين الرئيس التركي والرئيس السوري طرحت أسئلة كثيرة من جانب المحللين والمراقبين الدوليين ومنها: هل يمكن أن تؤدي تلك اللقاءات الدبلوماسية بين البلدين إلى انفراجة في العلاقات؟ هل ستنجح روسيا في جمع الرئيسين وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما؟ وما مدي تأثير ذلك علي السياسة الإقليمية والدولية؟ وفي حالة إتمام ذلك كيف ستكون الحالة الأمنية على حدود البلدين؟ وما مصير المعارضة السورية بعد وقوع هذا التقارب؟ وهل صحيح أن مصالح أردوغان والأسد تتقاطع حاليا في مواجهة الأكراد الذين حافظوا على علاقات مع النظام السوري وروسيا أيضا، وعن تأثيرات هذا التقارب المرتقب على وضع اللاجئين السوريين في تركيا؟ كما يتساءل المراقبون: هل بالفعل سيهتم أردوغان بتبعات وتداعيات عودة العلاقات مع سوريا؟ أم كل ما يريده فقط هو استغلال مسالة عودة علاقاته مع سوريا لتقوية حظوظه في الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في يونيو المقبل؟ وسوف تجيب الأيام المقبلة عن ذلك.

أضف تعليق