التحريك.. والجشع

«زجاجة الزيت وصلت في بعض المناطق إلى 65 جنيهًا.. ماذا سيفعل المواطن البسيط الذي لم يتجاوز راتبه 2700 جنيه و2500 جنيه؟».. سؤال وجّهه النائب كريم السادات إلى وزير التموين الدكتور على مصيلحي، الذى قوبل بوابل من الأسئلة والاتهامات أثناء رده على طلبات الإحاطة والأسئلة خلال الجلسة العامة لمجلس النواب الأسبوع الماضي، بسبب القفزات المتتالية فى أسعار المواد الغذائية.

النائب قال: «خرج علينا أحد المسؤولين المحسوبين على وزارة التموين في برنامج تليفزيوني يتحدث عن فوائد أرجل الفراخ وقيمتها الغذائية، في صورة من صور الانفصال عن واقع الأزمة».

بينما طالبتِ النائبة فاطمة سليم، بإعادة النظر في المخصصات التموينية، وقالت: «50 جنيه رقم ضعيف يحتاج مراجعة، خصوصًا وأننا مقبلين على شهر رمضان». “وانتقدت أيضًا، تفاوت الأسعار من مكان لآخر، في ظل أزمة كبيرة حالية.. مشددة على ضرورة أن يكون هناك رقابة على الأسعار.

خلال الجلسة حرص أكثر من نائب على حمل رغيف خبز أثناء كلماتهم للتدليل على سوء جودته ونقص وزنه، وكان من بينهم النائب حسام المندوه الذى حمل أكياسًا متنوعة من السلع الغذائية لإثبات عدم الالتزام بتدوين الأسعار على المنتجات الاستهلاكية.. مؤكدًا على أنه بالرغم من تحمُّل الدولة نحو 90 مليار جنيه دعمًا، إلا أن المواطن ما زال يئن، وبالرغم من تصريحات كل قيادات وزارة التموين، بتوافر السلع لمدة 6 أشهر، إلا أن المشكلة في غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق.، وقال «الناس بتصوّت من الغلاء، وجميعنا في كارثة حقيقية».

أما عن أزمة الأرز فقد كان لها نصيب وافر من التساؤلات، خاصة بعد ما شهدته الأسواق من نقص فيه وزيادة غير مسبوقة فى سعره بما لا يتناسب مع كونه سلعة هامة يعتمد عليها معظم المواطنين فى وجباتهم. وقال النائب وحيد قرقر: «سأتوقف عند قرار واحد صادر من الوزير فى 18 ديسمبر، حيث أتاح للمضارب الخاصة حرية تدبير وتداول وتخزين الأرز الشعير داخل مضاربهم أو المخازن التابعة لهم، ورغم ما نص عليه ذلك القرار، إلا أن وزارة التموين هاجمت تلك المضارب وتعاملت معهم على أنهم يخالفون القانون، وكانتِ النتيجة، هى عدم وجود أرز فى الأسواق أمام المواطنين واستمرار أسعاره المرتفعة».

هجوم النواب على سياسات وزارة التموين سببه كما قال أحدهم أننا كنواب نقف أمام المواطنين فى الدوائر عاجزين عن الرد على استفساراتهم حول ارتفاع أسعار السلع، وهو ما دعا النائب نافع عبد الهادي، إلى المطالبة بإقالة أو استقالة وزير التموين.. قائلًا: «الوزارة سلّمتِ الشعب المصري للتجار الجشعين».

وخلال رده على مطالبات النواب رفض الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، تفعيل التسعيرة الجبرية، قائلًا: حين اتجهتِ الحكومة للتسعير الإجباري «باظ سوق الأرز».

وأشار المصيلحي، إلى أنه وفقًا للقانون، من حق وزير التموين تسعير إحدى السلع وفقًا لظرف معين، على أن يتم عرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة عليه، وتم اللجوء لذلك عام 2017 لمواجهة أزمة السكر التى واجهناها خلال هذه الفترة.

خلال الأيام القليلة الماضية ارتفعت أسعار الدواجن بشكل أصبح يعجز معه كثير من الأسر البسيطة عن شراء دجاجة بعد أن وصل سعر البيضاء منها إلى أكثر من 50 جنيهًا للكيلو الواحد، الأمر الذى دفع بعض محلات بيع الدواجن الى إغلاق أبوابها بسبب ضعف الإقبال من جهة، وعدم قدرتها على السداد من جهة أخرى.

ما يحدث فى أسعار الدواجن حدث فى سوق اللحوم الحمراء أيضًا بعدما وصل متوسط سعر الكيلو منها فى المناطق الشعبية إلى 180 جنيهًا، ونفس الأمر انسحب على جميع السلع الغذائية ومنتجات الألبان، الأمر الذى يستدعي كبحًا لجماح تلك الأسعار التى أصبح يئن منها الجميع بحسب تعبير نواب البرلمان، لأننا فى السابق كنا نتحدث عن تحريك الأسعار بنسب محتملة، أما الآن فإن ماراثون الأسعار أصبح يقفز قفزات متتالية، يقع المستهلك بسببها فى براثن استغلال وجشع التجار الذين لا همَّ لهم إلا استغلال الوضع، وهو ما يستلزم وقفة جادة فى مواجهتهم، فمصر التى ذكرها الله سبحانه وتعالى فى كتابه الحكيم بخيراتها يجب ألا يقف أحد فيها عاجزًا أمام غول الأسعار.. حفظ الله بلدنا آمنة مستقرة.

أضف تعليق