بايدن والقضية الفلسطينية

بعد مرور عامين على تسلم الرئيس الأمريكي جو بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية لم يقدم بايدن برغم وعوده الانتخابية الإيجابية خلال حملته الانتخابية للشرق الأوسط وللقضية الفلسطينية أي نتائج تذكر على الأرض، فخلال مدته الرئاسية المنصرمة لم يعد ملف مكافحة الإرهاب ولا أزمات وقضايا الشرق الأوسط من أولويات الإدارة الأمريكية الحالية، فقد تم إغفال القضية الفلسطينية وتُرك الفلسطينيون يُقتلون بدم بارد من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلية، تلك القوات التي ارتكبت خلال عهد حكومة كل من نفتالي بينيت ويائير لابيد الكثير من الجرائم والانتهاكات ومنها مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة على يد قناص من جنود الاحتلال وقتل الأطفال وجرائم التوسع والاستيطان والاعتداء علي مقدسات الفلسطينيين دون أن تحرك الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن ساكنا.

إن إدارة بايدن الحالية وكغيرها من الإدارات السابقة كانت تخشي وعلى الدوام الدخول في مواجهة مع إسرائيل أو فرض أية عقوبات عليها، كما أن كل تلك الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تصوت يوما في الأمم المتحدة ومجلس الأمن على قرار يدين إسرائيل علي جرائمها، أو شاهدناها تنتصر يوما لحق الشعب الفلسطيني على عكس غالبية دول العالم التي تناصر وتؤيد حقوق الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته، وكل ما يفعله بايدن هو رفع شعاراته البراقة في تأييده لحل الدولتين والعمل على تحقيق السلام لكسب ود العرب ولكن بما يكفل حقوق وتفوق أمن إسرائيل في المنطقة، ومقابل ذلك نجد أن اهتماماته تنصب على مساندة أوكرانيا في حربها مع روسيا والعمل على إطالة أمد الحرب لاستنزاف وإضعاف روسيا بمساندة من حلفاء أمريكا من دول الغرب، والدخول مع الصين في حرب اقتصادية وشبه عسكرية غير عادلة للحفاظ على التفوق الأمريكي في المجال الاقتصادي والعسكري في العالم، ومناصرة ومساندة تايوان عسكريا لتحجيم النفوذ الصيني في تلك المنطقة، والتصدي لبرامج كوريا الشمالية النووية وتفوقها العسكري والوقوف بجانب كوريا الجنوبية واليابان للحفاظ علي مصالح أمريكا في تلك المنطقة، ومواجهة أمريكا لإيران بسبب ملفها النووي حفاظا على أمن إسرائيل، ولكل ما يخدم المصالح الأمريكية لضمان هيمنتها على العالم لتصبح مصالح واهتمامات أمريكا بمنطقة الشرق الأوسط ثانوية، ولهذا ستظل شعارات بايدن تجاه تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية حلما لن يتمكن من تحقيقه خلال العامين الرئاسيين المتبقيين له في الحكم، كما أن عودة بنيامين نتنياهو الآن لرئاسة الحكومة الإسرائيلية سيصعب من فرص إحياء عملية السلام بسبب فاشية وعنصرية تلك الحكومة التي نالت ثقة الكنيست مؤخرا ما دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أن يصرح مساء يوم الخميس الماضي عبر إحدى القنوات الإعلامية الأمريكية بتطلعه إلى العمل مع رئيس الوزراء نتنياهو باعتباره صديقا له منذ عقود بغية الاستفادة على حد قوله من الفرص العديدة والتصدي معا للتحديات في إسرائيل والشرق الأوسط، بما في ذلك التهديدات التي تشكلها إيران، والعمل علي تحقيق الرؤية الأكثر تفاؤلا لمنطقة تنعم بالسلام بما في ذلك السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما أعلن بايدن خلال حواره الإعلامي عبر قناة الحرة الأمريكية عن استمرار الولايات المتحدة في نهجها لدعم حل الدولتين، ومعارضة السياسات التي تعرض للخطر قابلية هذا الحل للحياة أو تتعارض مع مصالحنا وقيمنا المشتركة.

وبرغم تلك الوعود الإيجابية من جانب الرئيس بايدن لإمكانية حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية ومن خلال ومجريات تاريخ هذا الصراع ووصولا لعودة نتنياهو وحكومته الفاشية تلك، يرى الخبراء والمحللون أن الرئيس بايدن لن يتمكن خلال مدته الرئاسية المتبقية له من تحقيق أي تقدم ملموس في القضية الفلسطينية أو حتى بالمساعدة في حل أزمات وملفات الشرق الأوسط الشائكة بسبب وجود ملفات وسياسات خارجية أمريكية تأتي علي رأس تلك الأولويات، وبالتالي ترك البساط لحكومة بنيامين نتنياهو لتمارس نشاطها الاستيطاني في الضفة الغربية ومنها إحكام الحصار والتنكيل بفلسطينيي الضفة والعمل علي تهجيرهم، وإعطاء مزيد من الصلاحيات لقوات الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ مخططات وجرائم القتل والتهجير والتنكيل بالفلسطينيين بالضفة وقطاع غزة، وبترك المستوطنين يعبثون ويعتدون على أماكن ودور العبادة الإسلامية والمسيحية للفلسطينيين بالقدس وغيرها من المدن الفلسطينية، وأقصى ما يمكن أن يفعله جو بايدن وإداراته وفقا لأراء المحليين هو التنديد والاستنكار تجاه الجرائم والانتهاكات المتوقعة والمرتقبة من حكومة نتنياهو تجاه الشعب الفلسطيني وعلى غرار مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهو الأمر الأكثر ترجيحا، ولهذا فعلى الفلسطينيين والبلدان العربية والإسلامية أن ينتبهوا جيدا لتلك المخططات الصهيونية، وبألا يتم التعويل على شعارات بايدن وإدارته الديمقراطية الزائفة.

أضف تعليق