شهادة موثقة

ما زال الجدل محتدما حول نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بعد أن تم الإعلان عن حكومته، وأدت اليمين الدستورية أمام الكنيست، الخميس الماضي. وشهد شاهد من أهله عندما خرج “يائير لابيد”، رئيس وزراء إسرائيل السابق ليهاجم نتنياهو ويحذر من الحكومة اليمينية المتطرفة التي شكلها قائلا: “نتنياهو هو أضعف رئيس وزراء على الإطلاق، والحكومة في حالة فوضى، فهذه ليست حكومة يمينية فقط بل جنون، ولهذا فإننا لن نهدأ، وإسرائيل تتفكك من الداخل”. ولم يورد “لابيد” كلامه جزافا، وإنما جاء مرتكزا على الأسباب التي دعته إلى مهاجمة “نتنياهو” في هذه الفترة الحرجة. ولقد دلل “لابيد” على معارضته لـ “نتنياهو” على أساس السياسات التي يطرحها للحكومة المقبلة، التي تشكل نهاية للقيم الديمقراطية. ولهذا رأى أنها الحكومة التي ستنسف الديمقراطية فهى ليست حكومة حق وإنما حكومة جنون، كما قال.

لقد واجه نتنياهو منذ البداية صعوبات في تشكيل الحكومة، حيث طلب من الرئيس الإسرائيلي “يتسحاق هيرتسوج” تمديد المهلة لأربعة عشر يومًا كى يتمكن من تشكيلها، ولم تكن المهلة كفيلة للوصول إلى حل وسط إزاء ما يواجهه نتنياهو من مصاعب في إتمام مهمته. ولعل إحداها ما سبق تشكيلها عندما بادر”لابيد” وقوى المعارضة بالدعوة إلى سلسلة مظاهرات ضد الاتفاقيات الموقعة مع أحزاب الائتلاف اليمينى المتطرف الجديد.وفى معرض رد” لابيد” على انتقادات اليمين له إزاء دعوته للتظاهر ضد الحكومة قبل أن تتشكل قال: “إنها حكومة مجنونة، تقوض أركان الديمقراطية، وتمس بالجيش وبالجهاز القضائي، بل وتهدد بانهيار إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية”.

يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تتشكل فيها الحكومة الإسرائيلية من أحزاب يمينية وذلك بعد فشل أحزاب اليسار بحجز مقاعد لها في الكنيست في الانتخابات التي جرت في نوفمبر الماضى. ولهذا انبرى “لابيد” فأفصح عما يعتمل في داخله من إحباطات وقلق حيال حكومة نتنياهو الجديدة قائلا: “ما لدينا الآن هو أضعف رئيس وزراء هنا على الإطلاق، وحكومة في حالة فوضى. إنها حكومة جنون كاملة. ولذا لن ألوذ بالصمت أمام ما أراه. لن أصمت وهم يفككون كيان إسرائيل من الداخل. ما يحدث هنا ليس حدثا طبيعيا. وبالتالي ليست لدينا نية للجلوس بهدوء بينما يجري تفكيك إسرائيل من الداخل”. واعتبر “لابيد” أن حكومة متطرفة يمينية وقومية ليس لديها لحظة تقول فيها: حان الوقت للنظر بالاعتبار للأشخاص الذين يفكرون بشكل مختلف. وأضاف قائلا:” من يقفون وراء نتنياهو لن يتوقفوا. ولهذا إذا لم نوقفهم فسوف يزداد الأمر سوءًا. لقد أدركوا أن نتنياهو ضعيف، ومن ثم سيواصلون نهب نتنياهو ونهب الليكود ونهب الدولة”.

كان بنيامين نتنياهو قد واصل مفاوضاته الائتلافية مع أحزاب معسكر اليمين بقيادته تمهيدا للإعلان عن حكومته. وتظل المخاوف قائمة في الداخل والخارج من هذه الحكومة والسياسات التي تعتنقها، بل ومن تحول إسرائيل إلى “دولة الشريعة المظلمة”، وهو ما يؤدى إلى سحق الأقليات وتوسيع الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة، وتشديد الخناق على الفلسطينيين، والاستيلاء على المزيد من الأراضي. بيد أن نتنياهو لا يعير اهتماما لكل ما سيق له من انتقادات، فهو يمضي في غيه غير مبالٍ بما يجرى حوله، ولا يعنيه كثيرًا كل ما يثار حول نهجه اليمينى المتطرف. أمر واحد يجسد ما يشغله ويعنيه ألا وهو تحقيق مآربه ومصالحه في نهاية المطاف.

أضف تعليق