2023 والعنف فى السودان

أبى عام ٢٠٢٢ أن ينتهى دون أن يترك بقعا من الدماء على أرض دارفور حيث اندلعت أعمال عنف قبلية وعنصرية فى منطقة بليل بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور وراح ضحيته عشرة أشخاص وجرح عشرات آخرين، وفى نفس الشهر الماضى أيضاً قتل تسعة أفراد فى أعمال عنف اندلعت بولاية وسط دارفور فى مدينة زالنجى، وكانت حصيلة النزوح فى كلا الحادثين قد تجاوزت العشرين ألف نازح بعدما تضمنت أعمال العنف حرق قرى ونهب ممتلكات الأمر الذي استدعى تدخل الدولة السودانية ممثلة بقائد الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتى وبينما طالبت منظمات دولية بنزع أسلحة الميليشيات والقبائل فى منطقة دارفور حيث ظهرت على مسرح العمليات أسلحة ثقيلة وحديثة بأيدى المسلحين اللذين تجمهروا فى حالة حرب حقيقية، على الرغم من أن الحادثتين كانتا بسبب خلاف مفاجئ بين أحد التجار وآخر يشترى منه احتياجاته، فقام المشترى بطعن التاجر وقتله وعندما حاول أهل المجنى عليه احتجاز القاتل والقصاص منه تداعت أفواجاً من قبيلته مزودين بأحدث الأسلحة، وهى الحادثة التى تتكرر فى نزاعات دارفور منذ عشرات السنين عندما تتداعى القبيلة لحماية أحد أفرادها حتى ولو كان قاتلاً أو مجرماً وهو عرف قبلى بغيض ساهم فى استمرار حالة من الكراهية والثأر أودت بحياة عشرات الآلاف من أبناء دارفور منذ استقبال السودان وحتى الآن.

أما الواقعة الثانية فهى تكرار ممل لنفس الجرائم في نفس الفترة الزمنية من كل عام حيث تعود القبائل العربية بقطيعها فى هذا الموسم إلى مناطق دارفور فيزحف القطيع على زراعات القبائل الإفريقية تدور رحى الحرب بين القبائل العربية والإفريقية وهى الحرب التى اشتدت وتوسعت فى عام 2003 وأشارت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح مئات الآلاف، مما أدى إلى تدخل مجلس الأمن لفرض عقوبات على السودان وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً دولياً اتهما فيه الرئيس السابق عمر حسن البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين ووزير داخليته أحمد هارون والقائد الشعبى على كشبب بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة، وكانت أحداث العنف فى دارفور سببا مباشراً فى حصار الشعب السودانى بعقوبات دولية هى الأقسى فى تاريخ الشعوب، حيث حبس الشعب السودانى تقريبا داخل حدوده ولم يسمح له بتلقى أو إرسال الأموال عبر المصارف كما حرم من استيراد الدواء والأجهزة الطبية وكل مايتعلق بحياة الإنسان وحركته وصحته ويرى المراقبون أن انقاذ السودان وإخراجه من حالة الفقر والتخلف مرتبط بإنهاء حالة العنصرية والكراهية بين قبائله خاصة فى أطراف السودان غربه وشرقه وجنوبه، وأن المصالحات الشكلية التى تتم عقب كل عملية عنف ويحتفل فيها الناس بفرح مبالغ فيه لم تعد كافية لإنهاء هذه الكراهية، على الرغم من أن الجميع يدين بدين واحد ومذهب واحد ويعيشون على هذه الأرض سويا منذ آلاف السنين، وعلى الرغم أيضا من انتشار الطرق الصوفية التى تدعوا إلى المودة والمحبة فى هذه المناطق.

إذن عام 2023 يجب أن يكون عاماً للقضاء على الكراهية والعنصرية فى السودان وتلك هى الخطوة الأولى لإطلاق السودان الحديثة.

أضف تعليق