العبادات جميعها.. تدعم مكارم الأخلاق

لقد عُني ديننا الحنيف بالقيم الأخلاقية فى جميع جنبات الحياة، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم ـ إنما بُعث ليتمم مكارم الأخلاق، والعقيدة والشريعة مبناهما على تغليب الجانب الأخلاقى وتربية حُسن الخُلق لدى أتباع الإسلام.

ولو نظرنا إلى العبادات جميعها سنجدها تدعم مكارم الأخلاق، فحيثية تشريع الصلاة، في قول الله تعالى: “وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”، فمَن لم تنهه الصلاة عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له. والله تعالى يقول فى كتابه العزيز: “يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام.. ” لماذا يا رب؟ “لعلكم تتقون”، وكذلك الزكاة شرعها الله تعالى لترسيخ بعض الجوانب الخُلقية عند المسلم، فهى تطهر الإنسان طهارة حسية ومعنوية، قال تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلِّ عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم * ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم”.

وكذلك الحج، شرعه الله تعالى لكي يستفيد المسلم منه، قال تعالى: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ”، فعندما يؤدى الإنسان العبادة بطرقها الصحيحة، فيكون ثوابها ناقصًا إن لم تثمر محاسن الأخلاق، بل إن سيئات الأخلاق تأكل حسنات العبادات، فعن أبى هريرة، رضي الله عنه، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “أتدرون مَنِ المفلس؟.. قالوا: المفلس فينا مَن لا درهم له ولا متاع، فقال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار” رواه مسلم.

والمرأة التى قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: هى فى النار، كانت كثيرة الصلاة والصيام، إلا أنها كانت تؤذى جيرانها.

ودين الإسلام يحض على أن تكون المعاملات جميعها تتصف بالأخلاق والأمانة، وحسن معاملة الجار من الدين، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دائما ما يوصى بالإحسان إلى الجار ومعاملته معاملة طيبة، والبعد عن إيذائه.

ولقد بشَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن يقتدون به في حُسن الخُلق والمعاملة، بالقرب منه يوم القيامة حيث قال عليه الصلاة والسلام: “هل أدلكم على أقربكم مني مجلسا يوم القيامة؟ قالوا: بلى، قال: أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون”. وحُسن الخلق هو صميم الرسالة الإسلامية بل هو الغرض من البعثة المحمدية. ألم يقل عليه الصلاة والسلام: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”؟، وفي الحديث إشارة إلى أن إتمام المنهج الخُلقي القويم والكامل أوكله الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهو حجة الله على عباده وهو مصطفاه من بينهم، وبالطبع فهو أفضلهم وأقربهم من ربه سبحانه وتعالى.

وعن أبي هريرة قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة، قال: “تقوى الله وحُسن الخُلق”.

أسأل الله أن يمن علينا بحُسن الخلق، وأن يعمِّق فينا وبيننا مكارم الأخلاق، حتى تنعم مجتمعاتنا بالسلام الاجتماعى، وتتحقق لنا الخيرية التى يريدها الله لنا فى قوله تعالى: “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ.. ” (الآية 110 ـ سورة آل عمران).

.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .

[email protected]

أضف تعليق

P