50 عامًا على استشهاد محمود الهمشري

في زمننا الحالي، باتت قضية العرب المركزية الأولى (فلسطين) عرضةَ للمزايدات وادعاء البعض لـتبني منهج “الواقعية” الزائفة و”التكتيك السياسي” في التعامل مع تلك القضية، أصبح لزامًا علينا أن ننعش الذاكرة القومية بأبطال فلسطين الذين قدموا أرواحهم فداءً لها فاستحقوا أن يُخلدوا في صفحات التاريخ.

وفي التاسع من يناير الجاري تمر الذكرى الخمسون لاستشهاد المناضل الفلسطيني محمود الهمشري بعد نحو شهر من تعرضه لمحاولة اغتيال على يد الموساد الإسرائيلي في منزله بباريس، حيث كان – رحمه الله – أول سفير لمنظمة التحرير الفلسطينية في فرنسا.

ولد محمود أحمد حمدان الهمشري عام 1938م، وتلقى تعليمه في مدارس مدينة طولكرم حيث درس في المدرسة الفاضلية بالمدينة، وقد انخرط في صفوف المقاومة الفلسطينية (حركة فتح) منذ بواكير شبابه، ثم بدأ نشاطه المؤثر مع سعيد السبع مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر أواخر الستينيات من القرن العشرين.

ومن الجزائر اتجه الهمشري إلى باريس ممثلًا لحركة فتح، حيث ساعدته لغته الفرنسية الجيدة على التواصل مع النخب الفرنسية وقواها ومثقفيها، وأصبح صاحب الصوت المعبر بصدق عن القضية الفلسطينية في فرنسا وأوروبا كلها، مع زميله وائل زعيتر ممثل فتح ومنظمة التحرير في إيطاليا.

ورغم نجاح عمل الهمشري السياسي والدبلوماسي الباهر في فرنسا، فإن ذلك لم يمنع من جعله هدفًا سهلًا للموساد، الذي استخدم الحيلة للإيقاع به حيث اتصل به شخص منتحلاً صفة “صحفي إيطالي” وطلب إجراء مقابلة صحفية معه، وتم تحديد مكان اللقاء في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في باريس قبل يومين من محاولة اغتياله.

وهنا ضمن الموساد غياب الهمشري عن المنزل، فتسلّل عملاؤه إلى المنزل ووضعوا قنبلة متفجرة يتم التحكم فيها عن بعد تحت الأرضية الخشبية التي تعلوها طاولة الهاتف.

وفي أخريات شهر ديسمبر عام 1972م وفي الساعة التاسعة صباحا رن جرس الهاتف، والتقط الهمشري السماعة فانفجرت الشحنة الناسفة وأصابته بجروح بليغة، وتم نقله إلى مستشفى “كوشن” في باريس حيث توفي متأثرا بجروحه بعد نحو شهر من المحاولة الآثمة وتحديدًا يوم 9 يناير 1973م.

وكانت وصية الهمشري أن يُدفن في مسقط رأسه بمدينة طولكرم، ولكن السلطات الإسرائيلية رفضت نقل جثمانه إلى طولكرم، فدُفن في مقبرة “بير لاشيز” بباريس.

وتخليدًا لذكراه، تم تشييد مدرسة تحمل اسمه في مدينة طولكرم بالضفة الغربية، بالإضافة لمستشفى محمود الهمشري في منطقة صيدا اللبنانية عام 1974م. كذلك، قامت جمعية التضامن العربية الفرنسية بمنح جائزة فلسطين (جائزة محمود الهمشري) بشكل دوري، وهي جائزة أدبية تأسست في فرنسا في عام 1979م.

أضف تعليق