اضرب المربوط يخاف السايب

ذلك المثل ينطبق تمامًا على الحالة المصرية، فلو أيقنت أبواق الجماعة الإرهابية في الخارج ومعهم من يديرهم ويمولهم، ان ما يقومون به من تحريض لأتباعهم في الداخل سيعرضهم للعقاب والمحاكمة والسجن لما فعلوا ذلك.

لكن ما جعلهم مستمرون في ذلك النهج، ومن بلد إلى أخري يتنقلون بقنواتهم وابواقهم الإعلامية للنهيق والنبح ضد مصر، والاستمرار في بث الشائعات، هو المناخ الحامي تمامًا لأتباعهم في الداخل الذين يقبعون بكل ارتياحيه داخل مفاصل ومؤسسات الدولة، وعلى منصات التواصل الاجتماعي يبثون الشائعات وروح اليأس، ويسبون ويقذفون ويهينون القيادة السياسية، ورغم ما يفعلونه من خراب ودمار للوطن لا يتحرك أحد ضدهم، وفي المقابل إن انتقد أحد المواطنين سياسة نظام الحكم في تعاطيه مع أي ملف فورا يتم التضيق عليه.

والسؤال الذي اطرحه دومًا هل الإجراءات التي تم اتخاذها أثناء ثورة 30 يونيو العظيمة كانت لحماية الشعب من إرهاب الجماعة أم حماية الجماعة من ثورة الشعب؟ وان لم يجيب النظام الحاكم علي هذا السؤال فبكل تأكيد ستتسع رقعة الشك والمراجعة فيما حدث لمصر أثناء وبعد تلك الثورة العظيمة.

والكارثة التي تتعرض لها مصر هي التغيير الديموغرافي الذي وضعت أسسه الجماعة الإرهابية أثناء حكمها، وهو الإحلال والتجديد الطبقي في اعتلاء أتباع وأعضاء الجماعة المستوي الأول في الطبقات الاجتماعية، عن طريق أرسال الأموال لهم من الخارج للقيام بشراء الممتلكات من أراضي زراعية، وعقارية ومنازل وسيارات فارهة وعمل المشروعات، وهذا هو التغيير الطبقي والقبلي الجاري حدوثه باعتلاء الدواعش والإرهابين الطبقات الاجتماعية ليتسنى لهم حكم مصر من القاع للقمة عن طريق النفوذ المالي والقبلي بعد أن حكموه ثقافيًا واجتماعيا عبر ايدلوجياتهم الارهابية.

ورجوعًا إلى المثل “اضرب المربوط يخاف السايب” فالإرهابين في الخارج يتابعون ويلاحظون ويرصدون ما ذكرته في ذلك المقال وكلماته الخاصة بحرية تحرك ووضع اتباعهم في الداخل ولا خطر عليهم ولذلك يفعلون بكل ثقة ما يقومون به ضد مصر في اعلامهم الخارجي.، . هم على يقين أن صوتهم سيتم ترويجه عن طريق منصات واعلام متابعيهم في الداخل دون ضرر عليهم.

ففي الأسابيع الأخيرة قامت الجماعة الإرهابية في الخارج بحزام اقتصادي على السوق المصري في الداخل عن طريق تعطيش السوق من العملة الصعبة بقيامهم بشراء العملة من المصريين بالخارج بأعلى الأسعار وتكليف اتباعهم في الداخل بتوصيل المبالغ بالجنية المصري للمواطن في مصر، فشكلت الاموال والسياحة والسفر الكثير منها تابع للجماعة الإرهابية، فلو كان هناك قبضة حديدة على تلك الجماعة في الداخل ما قام أى منهم في الخارج بهذا المخطط المدمر للوطن.

والسؤال الأخر الذي يبحث عن إجابة لماذا تم تحجيم دور جهاز أمن الدولة «الأمن الوطني» عن تواجده في المجتمع؟ وقبل أن نبحث عن إجابة السؤال لابد من طرح تلك الأطروحات الهامة وهي ان مصر انهارت وأصبحت أشلاء دولة منذ بداية عام 2000، والسبب هو الفساد المستشري الذي أصبح جزء من تكوين مؤسسات الدولة وأيضًا جزء من تكوين ثقافي للمسئول في تلك المؤسسات، وبجانب الفساد هناك ثقافة الإرهاب التي تم زراعتها بيد نظام السادات ورعايتها بيد نظام مبارك حتى امتلكت الكثير من التربة المصرية، وأصبحت أشجار سنط تطرح أشواك في طريق استمرارية الدولة وتواجدها وهنا التحالف الفتاك بين الإرهاب والفساد.

ولكن ذلك الانهيار الذي كان موجود منذ عام 2000 تم تحجيم تمدده واتساعه بيد جهاز رجال الشرطة العظماء المتجردين الذين لم يمسهم فساد أو اختراق إرهابي علي مدار معظم سنوات حكم مبارك، وظلوا يقاومون الفساد والإرهاب ويحاولون منع تمدده، وكان لجهاز امن الدولة دور عظيم في ذلك.

هذا الجهاز هو من أنقي وأطهر وأكفأ أجهزة الدولة المصرية عبر العقود الأخيرة، وخصوصًا في سنوات حكم مبارك، ولأسباب عديدة أصبح هذا الجهاز هو حائط الصد الأول لمنع سقوط مصر، وتواجد الجهاز كان البديل الإجباري الذي فرضته انعدام رؤية نظام مبارك لوضع خطة عمل استراتيجية للقضاء على مصادر الفساد وغلق محبس الإرهاب، تلك الحلول كتبنا وأشرنا اليها كثيرًا، وكان أهمها المنظومة التعليمية المخطوفة تماما من الإرهابين منذ حكم السادات، وظل جهاز امن الدولة رادع قوي ضد الابتلاع الكلى لمؤسسات ومفاصل الدولة من الفساد والإرهاب.

حتى حدث الانفجار الكبير الفتاك في 25 يناير بوجه نظام مبارك وأطاح به، وكان من الطبيعي قيام الإرهابين والفاسدين والبلطجية وكل من ينتفع بوجودهم بمهاجمة مقرات الشرطة وجهاز أمن الدولة وحرق الملفات ومحاولة كسر مهابته أمام أعين الشعب.

وجاءت الجماعة الإرهابية لحكم مصر، وكان من أهم أهدافها التخلص من ذلك الجهاز ورجاله العظماء الذين هم الاكفأ أمنيا على مستوى العالم ـ ولأن الجماعات الإرهابية يعلمون أن المانع الوحيد أمامهم وفي طريق تحقيق أهدافهم ضد الوطن هو هؤلاء الرجال، فنقلوا أفرادهم الأكفاء إلى أجهزة عمل أخرى وقلصوا صلاحيات مهامهم الأمنية في مؤسسات الدولة.

وقامت ثورة 30 يونيو العظيمة وكان من أهم أهدافها ارجاع هوية مصر من مخالب الإرهاب والفساد، لكن الذي حدث محبط للغاية، فتم إزاحة مرسي العياط من على كرسي حكم مصر، وظل الإرهاب والفساد يحكم كل مفاصل الدولة المصرية، ولكن في تلك المرة لم يكن أمامهم جهاز امن الدولة الرادع لسعار تمددهما، فتمددوا وامتلكوا كل شيء تقريبًا في غياب تام لمؤسسات الدولة، وأيضًا غياب رؤية استراتيجية علمية لكيفية القضاء عليهما.

ولحين حدوث ذلك اقترح علي القيادة السياسية، رجوع دور وصلاحيات ومسمي جهاز أمن الدولة مرة أخري، وهذا مطلب شعبي كبير لما يمتلكه الجهاز من مهابة وقوة ونزاهة وشرف، لأن مشكلة المواطن المصري في الوقت الحالي تكمن في عدم وجود مؤسسات دولة بجانبه في الشارع تحميه من الفساد، الإرهاب، والبلطجة.

مثال.. عندما يجد المواطن سلعة ما قد تضاعف سعرها أو اختفي وجودها، لا يعلم لمن يشتكي، ويدخل فى حالة من اليأس والحزن التي يستغلها الإرهابين في استنفار طاقته ضد القيادة السياسية، فكفي أن يقول المواطن للتاجر اني سأشتكي في امن الدولة ” وهكذا هو الحال مع كل أحداث البلطجة، والانفلات والجريمة التي انتشرت في الشارع، وأصبحت واقع على منصات التواصل الاجتماعي، فمجرد ذكر اسم الجهاز هو عامل ردع قوي ضد كل ذلك.

ما كتبته وما سأكتبه هو من أجل الوطن مصر فقط، وأتمني ان تسمع القيادة السياسية لما نكتبه ولصوت المواطن والوطن حفظ الله مصر من كل شر وسوء.

أضف تعليق